الاثنين، 2 مايو 2011

الــــــــراعي والقطــــــــــــــيع

بدأت اليوم اعادة قراءة احدى الروايات المقربة الى قلبي للمره الثالثة وهى رواية الخيميائى للروائى البرازيى باولو كويلهو ولكن عند بداية قراءتى لها توقفت كثيرا أمام فقرة صغيرة في بداية الرواية وكأنى لم الحظها من قبل وهو نفس شعوري عندما اقرأ كتاب معين لأكثر من مره فكل مرة الاحظ فيها فكرة لم ألحظها من قبل فالقناعات والخلفيات الثقافية والسياسية والاحداث الجارية دائما ما تلقي بظلالها على فكر كل شخص وبتغير هذه الأفكارأوالقناعات أو تطورها يخلق هذا النوع من الرؤية الجديدة .

نعود الى الرواية فقد توقفت عندما كان الراعى الأندلسى سانتياغو يحاور نفسه مشيرا الى أغنامه ( واذا تحولت بين لحظة وأخرى وحشا وأقدمت على قتلها, الواحدة تلو الأخرى, فلن تدرك ذلك الا بعد افناء القطيع بكامله, لأنها تثق بي, ولأنها توقفت عن الوثوق بغرائزها, وهذا كله لأنني أنا من يقودها الى المرعى ) .

تلقائيا بدأت تحاصرنى هذه الكلمات القليلة لتنعكس على مخيلتى (المريضة ( وبدأت تنهش فيها لتذكرها بألاوضاع التي عشناها في الفترة السابقة فتحول سانتياجو فجأة الى الحاكم وتحولت أنا الى واحد من هذا القطيع الذى يرعاه ورأيت هذا الوحش بأم عينى وهو يستل سكينه ويرفعه الى عنان السماء آمرا بقتل افراد القطيع الواحد تلو الأخر تارة بحجة الأمن وتارة بالأهمال والفساد وتارة بقطع اللأرزاق وتارة بترك الأمراض تنهش فى افراد القطيع وتارة اخرى بسرقة طعامهم .

فبدأت فى المقارنة بين سانتياجو راعي الأغنام وسانتياغو راعى البشر فراعي الأغنام يحافظ على أغنامة يقطع الأرض ذهابا وايابا متحديا الشمس الحارقة والاخطار المحدقة والذئاب المارقة كى يؤمن لهم الغذاء قد يظل يجرى هائما هنا وهناك بالساعات بحثا عن نعجة تائهة حتى يجدها ويردها للقطيع .

قد يضطر الى المرور على كل القطيع كى يطمئن على سلامتهم جميعا قد يترك أغنامة فترة من الوقت لتتجول بحرية هنا وهناك قبل ان يجمعهم بحنان وهدوء لأستكمال المسيرة وفي النهاية كلما اجتهد فى الأعتناء بقطيعة كلما وجد الخير الوفير من صوف ولبن وجبن ولحم ومال .

ثم تحولت فجأة الي سانتياجو الحاكم الشرير الشرس الذى الذى اهان شعبه وتركة يموت غرقا وحرقا وتصادما ومرضا وجوعا وفقرا وان اراد ان يتجول بحرية كقطيع سانتياجو الراعي قد يكون مصيرة القتل فى زنازين الأمن فهذا هو القتل الذي قصده سانتياجاو دون ان يشعر قطيعه فقط لأنهم وثقوا به وفقدوا الثقة الغريزية فى انفسهم .

وفجأة أفقت من هذه الأفكار الشيطانية التى لعبت برأسى وكأنها كرة بلياردو , مذكرا نفسى بأنه بعد الآن لن نثق الا فى غرائزنا وغرائزنا هى من ستقرر من هو راعينا سانتياجو الراعى ام سانتياجو الحاكم فنحن لسنا قطيعا من الأغنام بل نحن بشر لنا حقوق اصيلة وحقوقنا نحن من نقررها ونستردها عنوة عندما تنتزع منا .

قراءة الروايات ليست فقط للتسلية او المتعة فلابد وان وراء كل رواية الف فكرة قد تضاف الى مكتبة افكارك

احمد البطل

شكرا سانتياغو