كثيراً ما تمر بى لحظات من حياتى أعتقد أنها الأجمل إلى أن تأتى غيرها لتنسخها فتأخرها إلى الخلف وقد تنسينى إياها بالمرة..
لكن هذه المرة حدث مالم أتوقعه أو أحلم به يوماً..
إنه الإمام .. قدر لي الله أن أكون واحداً من بين خمسة عشرشاباً من شباب حزب الوسط الذين نالوا شرف زيارة الإمام القرضاوى أطال الله فى عمره .
منذ أن سمعت البشرى من الــ د.رحاب انتابتنى حالة من الذهول الممزوجة بالفرح والدهشة والفخر حتى النوم أبى أن يحتوينى إلا بعد ليلةٍ طويلة من التفكير امتدت لما بعد الفجر .
مع أول خطوة أخطوها إلى داخل منزل الإمام سرت فى جميع أنحاء جسدى قشعريرة كالتى كنت أشعر بها قديماً وقت دخولى لجنة إمتحان الثانوية العامة بقيت معى لحظات إلى أن استطعت السيطرة على نفسى لأبدو طبيعياً فى وقت كل ما أراه حولى لايبدو طبيعي فلا يستطيع عقلى الصغير أن يستوعب أنه الآن داخل منزل شيخ الإسلام " الإمام القرضاوى "
بعد لحظاتٍ قليلة سيكون أمامى...سوف أصافحه...أقبل يده , ترى متى سيخرج الشيخ ؟؟ ماذا يرتدى ؟؟ أين سيجلس كيف سيستقبلنا وكيف سنستقبله ؟ كلها أسئلة صدحت فى رأسى تريد إجابات نموذجية سريعة وتصورات لما سيكون عليه اللقاء بعد دقائق..
وفجأة انتفضنا جميعا واقفين.. فقد دخل علينا الإمام بوجهٍ بشوش مريح ترتسم عليه علامات جلال العلماء والصالحين, كنت أشعر بطاقة كونية تسرى حولى أشعر وكأننى فى اللامكان واللازمان, كأني شخص على فراش الموت تارة يغيب عن الدنيا غير مصدق لما هو فيه وتارة أخرى يستفيق ليتأكد بأنه مازال فى نفس المكان إنه فى حضرة الامام..
دخل عينا الشيخ نافثا فينا من روحه نفحات إيمانية روحانية جعلتنا مشدوهين لما يقول وكأن على رؤوسنا الطير نريد أن نستخلص كل ثانية تمر علينا إلى آخر قطرة من قطرات الشهد التى تسمى تجاوزاً كلمات تلك التى تخرج من فم شيخنا العزيز لتسلك طريقها مخترقة صدورنا لتنحفر داخل قلوبنا فتبقى كمعلقة من المعلقات نسترشد بها كلما اشتقنا اليها .
أبكانا مرة وهو يتذكر مقابلته الأولى مع الإمام الغزالى - رحمه الله- فاختنق صوته ودمعت عيناه.. فبكت أعيننا وقلوبنا لا أدرى إن كان إشفاقا عليه أم حزنا على فقدان الإمام الغزالى..! وتمنياتنا أن يكون حاضراً فى هذه الأيام.
وأبكانا للمرة الثانية وهو يحثنا على حمل الراية وعدم الإستسلام أمام أى معوقات بيد أن هذا البكاء تحول إلى طاقةٍ جبارة وهو يحدثنا عن المبشرات فى الإسلام وفتوحات وانتصارات المسلمين لترتفع معنوياتنا إلى عنان السماء ويرتفع معها إصرارنا على التمسك بمبادئنا وأهدافنا والسعى إلى تحقيقها مهما كلفنا ذلك من تضحيات.
كان لى الشرف أن أكون أحد الحاضرين وكان لى الشرف أن أقوم بتصوير هذا الحدث التاريخى على الأقل بالنسبة لى أعتقد أن هذه اللحظات ستكون إلى الأبد واحدة من العلامات البارزة فى حياتى ولن أجد هذه المرة ماقد ينسخها فقد اعتلت القمة ... إلى الأبد.
أحمد البطل
6/9/2011
مراجعة عصام ابراهيم